المساهمات : 31 تاريخ التسجيل : 09/12/2007 العمر : 30
موضوع: لنتعرف على ظاهرتي من ظواهر عالم البحار الإثنين ديسمبر 10, 2007 10:40 am
كشفت علوم البحار الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين عن أسرار مدهشة في أعماق البحار والمحيطات، وسنقتصر هنا على ذكر ظاهرتين هما: ظلمات البحر العميقة وحركة الأمواج الداخلية.
الظاهرة الأولى: ظلمات البحر العميقة:
غالباً ما تكون البحار والمحيطات مغطاة بسحب ركامية كثيفة تحجب قسماً كبيراً من ضوء الشمس، كما يظهر في أكثر صور الأقمار الاصطناعية، فتعكس هذه الغيوم كمية كبيرة من أشعة الشمس وتحجب قسماً كبيراً من ضوئها، وأما الضوء الباقي فيعكس الماء قسماً منه، ويمتص القسم الآخر، الذي يتناقص تناقصاً رأسياً مع تزايد عمق المياه. وهذا ما أشارت إليه الموسوعة البريطانية.
وقد ذكر جيرلوف في كتابه (Marine Optics) أنه ينخفض مستوى الإضاءة في مياه المحيط المكشوفة إلى نسبة 10% من مستواه عند السطح على عمق 35 متراً، وإلى 1% على عمق 85 م، وإلى 0.1% على عمق 135م، وإلى 0.01% على عمق 190م. ويشتد الظلام بعد عمق 1000 متر حتى إذا أخرج الإنسان يده لا يراها.
هذه الحقائق العلمية المدهشة ذكرها القرآن الكريم الذي أنزل على عرب في الصحراء لا يعرفون السباحة ولا خوض البحار والمحيطات، حيث جاء في الآية الأربعين من سورة النور قول الله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}، فهذه الآية تتطابق مع تلك الحقائق، إذ قررت أن البحار العميقة غالباً ما تعلوها السحب، وفي قوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ} تدل على انعدام الرؤية ويؤكد ذلك أيضاً قوله تعالى: {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} فاللجي هو الشديد الظلمة والعمق، والأسماك في ذاك العمق ليس لها عيون بل إنها مجهزة بنور بيولوجي كما ورد في الموسوعة البريطانية وهذا وجه قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} فهذه الأسماك قادرة على استبيان طريقها ومعرفته من خلال أعضاء منيرة خلقها الله تعالى في جسمها.
وقاع البحر المنحدر يتغير لونه بصورة تدريجية إلى الأزرق حتى يختفي تماماً مع تزايد العمق، كما أن نفاذ ألوان طيف الضوء إلى البحار تتناسب عكسياً مع ازدياد العمق، فكلما زاد العمق نشأت ظلمة حالت دون رؤية بعض ألوان الطيف الضوئي. ولذلك قال الله تعالى {َظُلُمَات} ولم يقل (ظلمة) وقال: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ}. لقد لاحظ الدكتور "وليام هي" “HAY” أن الصيادين قادرون على استخدام الاختلاف الظاهر في لون الماء لتحديد العمق بدقة ملحوظة، وأبسط جهاز علمي لقياس عمق نفاذ الضوء في مياه المحيط هو قرص سيتشي (The Secchi disk) الذي يتم إنزاله في الماء ليسجل العمق الذي تتعذر رؤيته كنقطة قياسية (أساسية).
2- الظاهرة الثانية: حركة الأمواج الداخلية.
إن صورة طبقات الأمواج التي تعلو إحداها الأخرى على سطح البحر تأخذ بالعقول، وهذه الظاهرة للأمواج معروفة تماماً لدى البحارة والصيادين، ولكن الشيء الأشد غرابة الذي لم يعرفه الإنسان إلا قبل مائة سنة فقط، هو تلك الأمواج الداخلية الموجودة في أعماق البحار، والتي تتولد على امتداد السطح الفاصل بين طبقتين من المياه المختلفة من حيث الكثافة والضغط والحرارة والمد والجزر وتأثير الرياح كما ورد في الموسوعة البريطانية. والاختلاف في كثافة المحيط المفتوح أقل منه في المناطق الساحلية التي تصب فيها المياه العذبة من أنهار وجداول وغيرها. ويتشكل السطح الفاصل بين الكثافات المختلفة عند منطقة الهبوط الحراري الرئيسي فيفصل مياه السطح الدافئة عن مياه الأعماق الباردة. وقد يتراوح سمك طبقة المياه الدافئة من بضع عشرات إلى مئات من الأمتار.
وهذه الأمواج التي تتشكل على هذا السطح الفاصل بين الطبقتين المائيتين المختلفتين في الكثافة والملوحة والحرارة، تشبه الموجات السطحية، ولكن لا يمكن أن تشاهد بسهولة من فوق سطح الماء، وتستهلك عملية تكونها جزءاً كبيراً من الطاقة التي كان يمكن استخدامها لدفع سفينة ما إلى الأمام.
فنجد بعض السفن التي تبحر في هذه المياه تفقد فجأة قدرتها على التقدم، داخلةً فيما يعرف بظاهرة المياه الراكدة التي كان الفضل في تفسيرها ودراستها للدكتور السويدي فان إيكمان (V.W.Ekman) في أوائل القرن العشرين كما جاء في الموسوعة البريطانية. وقد قال عز وجل: { فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} والمعنى أن الموج يغشى البحر اللجي وهذا ما أكده علماء البحار حيث قالوا بأن البحر اللجي العميق يختلف عن البحر السطحي وأن الأمواج الداخلية لا تتكون إلا في منطقة الانفصال بين البحر السطحي والبحر العميق. ولهذه الأمواج الداخلية أنواع مختلفة أهمها ما ينشأ في المضايق والقنوات، فمثلاً عند مضيق جبل طارق، يتسبب التدفق الداخلي للتيار السطحي القوي، والتدفق الخارجي للتيار السفلي، في دخول الأمواج الداخلية من المحيط الأطلسي إلى المضيق، كأنها أمواج متكسرة، مثل الأمواج المزبدة على الشاطىء، مما يتسبب في قدر كبير من الاضطرابات الداخلية.